الإصلاحات التربوية (2005 -  2006 )  بالتعليم الثانوي وأثرها على التحصيل الدراسي للتلميذ

 

 تمهيد:

 أولا : أهم المداخل النظرية في المناهج التربوية .

 ثانيا : تطور التعليم الثانوي بعد الاستقلال ( 1976 -  2005 ) .

 ثالثا : مهام التعليم الثانوي و أهدافه .

   1 - مهام التعليم الثانوي . 

   2 - أهداف التعليم الثانوي .

 رابعا : أهم مخططات و مشاريع إصلاح التعليم الثانوي.

  خلاصة

 

تمهيد:

إن جوهر النظام التعليمي يرمي الى تحقيق الأهداف التربوية العليا ، التي يرغب المجتمع بلوغها و لذلك فان هيكلته تعزز مراحلها و مكوناتها محاولة نسج الأنشطة المدرسية المكملة لها و في كل الأطوار التعليمية بما يزيد من فعالية الأداء و تقديم مردود تربوي في مستوى الطموح.

فالتعليم الثانوي في الجزائر مرحلة تعليمية حساسة تقع عليها جملة من المهام للوصول الى أهداف محددة تدخل في إطار وظيفة التربية في المجتمع ، هكذا رسمت حدود مهمة هذه المرحلة التعليمية وهذا عن طريق قواعد تحكمها إلا أن النص بمضامينه التنظيرية و ثقافته ، المرجعية حين توضع في الميدان التطبيقي يتطلب شروط قابلة للإنجاز سواء تلك التي تتعلق به كقاعدة قانونية عامة أو مجرد أو تلك التي ترتبط بالسياق ألزماني و المكاني الأمر الذي يفرض التعديل و الإصلاح و يجعل من ظاهرة التطور و الإصلاح قانونيا يجب الاعتماد عليه و هذا ما يطبق على مختلف المراحل التعليمية بما فيها التعليم الثانوي. 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أولا: أهم المداخل النظرية في المناهج التربوية:

* الفلسفة البراجماتية و مضامين المنهج:

البراجماتية pagmatisme  فلسفة تعبر عن نظرة الأمريكيين في الحياة ، فقد ولد زعمائها الثلاثة في الولايات المتحدة الأمريكية و هم ( شارل بيرس ، ch.s.speirce ،وليام جيمس w.james ، وجون ديويJ.dewey  ) وتؤمن بحقيقة التغيير على الديمقراطية الديمومة ونسبية القيم و الطبيعة الإنسانية و البيولوجية للإنسان و بأهمية الديمقراطية كطريقة في الحياة ، حيث يعرف جون ديوي الفلسفة بأنها النظرية العامة للتربية (1)  ، فالتربية عنده هي الحياة حيث اهتم ديوي بطرق التدريس و يمكن تلخيص المبادئ التي طبقها جون ديوي في مدرسته و التي دعا إليها في كتبه و مقالاته التربوية بالنسبة لطرق التدريس فهي: (2)   

- الإيمان بوجوب الربط بين خبرات التلميذ داخل المدرسة و خارجها و تأكيده لمبدأ ضرورة الربط بين المعرفة النظرية و العمل.

- ضرورة مراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ و ضرورة مراعاة ميولهم و دوافعهم الطبيعية و وجوب استغلال هذه الدوافع و الميول في جذب انتباههم ودفعهم الى النشاط الخلاق الذاتي ، و من هذه الميول و الدوافع التي يحسن بالمربى استغلالها في العملية التربوية الميل الى الحركة و النشاط و الميل الى اللعب. و الميل الى التعبير عن الذات بالقبول و العمل ، والميل الى البناء و التركيب ، والميل الى البحث.

- مساعدة التلميذ على إيقاظ قواه و استعداته العقلية و تعوده على الاستقلال و الاعتماد على النفس و التفكير المنطقي، وحب التعاون ، وتشجعه على الأصالة و الخلق و الإبداع ، و تدفعه الى الحركة و النشاط الهادفين ، و حتى يبذل التلميذ نشاط حقيقيا و في أي واجب من الواجبات لابد أن يكون لهذا الواجب قيمة و معنى بالنسبة إليه و أن تكون هناك مشكلة حقيقية في عقل التلميذ.

- و الطريقة العامة التي يوصي بها ديوي المدرس بإتباعه في تنظيم خبرات تلاميذه و في تدربه هي طريقة المشروع و طريقة حل المشاكل.

1 -  سعدون نجم الحلبوسي :  مرجع سابق ، ص 61.

2 - عبد الله زاهي الرشدان :  تاريخ التربية ، دار وائل للنشر و التوزيع ، الأردن، 2002 ،ص318

فالخبرات و أنشطة التعليم هي وحدة نشاط حية كما هي في الطبيعة و تقوم دراستها على حل المشكلات الحيوية التي يسعى التلاميذ الى حلها و ينظر إليها من وجهة نظر نفعية ، فالمادة الدراسية يتم اختيارها حسب فائدتها في تنمية قدراته و مواهبه الفكرية و اليدوية و تقويم التعليم يتم عمليا في الغالب من خلال معايير النتائج الكلية و النهائية(1)   

- بالإضافة الى أن الفلسفة البراجماتية تقوم على بعض المبادئ من بينها أن المعرفة تكون صادقة طالما أنها تمثل وصفا دقيقا للحقيقة الموجودة في العالم المادي و في الحياة و تؤكد هذه الفكرة صدق المنهج التعليمي و أن العالم المادي أساسه الكثرة لا الوحدة ، و أن الجوهر العام للعالم التغير لا الثبات و بالتالي القول بأن العالم ليس مكون بالفعل و لكنه في دور التكوين و أن العلم ناقص و مرن و بحاجة الى جهد الإنسان.

و من هنا نستنتج أن حياة الإنسان بما فيها التعليم في تطور مستمر حسب مستجدات العالم وما تفرضه من مستجدات بما فيها التحصيل الدراسي الذي هو مرتبط بالعملية التربوية و تأثيرها بهذه المتغيرات.

و لذلك فان دور العقل كبير في معرفة الإنسان و الإنسان لا يقتصر على استقبال المعرفة و إنما يصنعها ، فالمعرفة هي عملية تفاعل بين الإنسان و بيئته والعلم في نظر البراجماتية علم نسبي ، وغير ثابت بل هو في حالة تغير و خلق مستمر و هو في ذلك خاضع للتجربة و البحث العلمي و بالتالي يستحيل على الإنسان أن يصل الى حقيقة ثابتة لا تتغير في حدود العالم الذي نعيش فيه ، ولهذا فان الفلسفة البراجماتية تؤكد على أساسين هما الطفل و البيئة وعم طريق التفاعل بينهما يتم اكتساب الخبرة التربوية و لذلك تؤكد على مناهج النشاط طريقة المشرع حل المشكلات و طريقة التفكير العلمي و العوامل الذاتية و الشخصية في التعليم و التعلم (2)   

 

 

 

 

  


 

1 -  سعدون نجم الحلبوسي : مرجع سابق ، ص 63.

2 - عبد السلام عبد الرحمان جامل : أساسيات المناهج التعليمية و أساليب تطويرها ، دار المناهج ، ط2 ،عمان ،2002 ، ص45.

بمعنى أن المدرسة لا ينبغي أن تكون منفصلة عن الحياة و خبراتهم المتصلة بل تركز على مواقف الحياة أكثر من تركيزها على المواد الدراسة و الكتب و تركز على ميول التلميذ و خبراته و نشاطه الفعال ، كما أنه ليس هناك مقررات جاهزة لأن العالم من وجهة نظرهم عالم متغير مفتوح و متعدد و المستقبل مجهول و مليء بالاحتمالات و إذا كانت الفروق واضحة بين الأفراد و البيئات فكيف يمكن إقرار منهج واحد ثابت و مفروض على الجميع(1)    

- تقيم النظرية البراغماتية:

أحدثت هذه النظرية تأثيرا بالغا في التربية و الملاحظ أن الكثير من أفكارها يحاول تطبيقها حاليا في الإصلاحات ،  اذ تركز هذه النظرية على المتعلم و نشاطه باعتباره أساس العملية التعليمية حيث تعتني باهتمامات الطالب ، و تولد حب الاستطلاع و الفضول لديه و تعمل على إعداد مناهج تجعل من الفرد قادرا على فهم واقعة و العيش في بيئة تستجيب لمتطلباته و حاجاته وفق ما يتطلبها مجتمعه المتغير بالإضافة الى أن التلميذ مجرد متلقي للمعرفة بل يصنفها من خلال التجربة و التفاعل الخارجي " المشاركة" .

- الا أن لهذه النظرية عدة سلبيات تمثلت في عدم الاهتمام بالقيم و الأخلاق و إعلاء قيمة الفرد على المجتمع و الاهتمام بالجانب النفعي و مصلحة الفرد على المجتمع بالإضافة الى أنها خصت المدرسة بكل ما يتعلق بتنشئة الطفل مما يوسع مسؤوليات المدرسة على حساب مسؤوليات غيرها من المؤسسات الاجتماعية ، وهذا يجعلها غير قادرة على القيام بمسؤوليتها على أكمل وجه و كذلك مبالغتها على تأكيد ميول التلاميذ وحاجاتهم كأساس لاختبار المعارف و الخبرات المدرسية و تنظيمها بالإضافة الى أن هذه النظرية ركزت على طريقة التدريس أكثر من تركيزها على المحتوى .

 

 

 

 

 

 

 

  


 

1 - عبد السلام عبد الرحمن جامل : المرجع السابق ، ص 45.

* الفلسفة الواقعية و مضامين المنهج:

يقوم الفلسفة الواقعية على أساس أن المادة هي الحقيقة الأولية ، وأن العالم تسيره قوانين ثابتة و وظيفية الإنسان معرفة هذه القوانين و من زعماء الواقعية القديمة أرسطو و عند المسلمين ابن سينا ، و عند الانجليز فرنسيس بيكون ، وجون لوك ، دافيد هيوم (1)     

 الفلسفة الواقعية ترى أن الأشياء موجودة وجودا مستقلا عن الفكر ، فالأساس هو المادة ، وترى أن الكون ليس خدعة بل واقع حقيقي و جوهري و كل الأشياء المحيطة بنا موجودة كحقيقة مستقلة و ليست مجرد أفكار في عقول البشر و أن المعارف المحيطة بنا يصل إليها الإنسان عن طريق المشاهدة أو الملاحظة.

وتنظر الفلسفة الواقعية الى المعرفة بأنها حقيقة موجودة في المعرفة نسبية و متغيرة و ليست مطلقة و أزلية فهي متغيرة بحسب الظروف الزمانية و المكانية و بحسب نمو القدرات الإنسانية ، كما ترى أن الطفل يولد صفحة بيضاء و التجربة و الخبرة هي تكونه  و هذا عن طريق الاكتساب و بذلك تنمو حواسه و يتشكل عقله ، ويرون أن الإنسان ثنائية أي مزيج بين المادة و الروح و بهذا فان الجسد و الروح يشكلان حلقية واحدة و الإنسان حر و مسؤول عن تصرفاته . و من أبز التطبيقات التربوية التي تعكسها الفلسفة الواقعية الاهتمام بالعلوم الطبيعية و التجريبية.

كما تشجع المدارس العلمية و المهنية و التطبيقية و الاهتمام بالتجريب و الأنشطة و استخدام الوسائل التعليمية التي تجسد الخواص المادية للمعرفة الى جانب زيادة الاهتمام بالعلوم البيولوجية و النفسية و الاجتماعية  (2)

و يمكن تلخيص مضامين الفلسفة الواقعية للمنهج فيما يلي: (3)

1 – أن تكون الأهداف العامة للمنهج ترمي لإعداد أفراد قادرين على معايشة وإدراك حقائق الواقع الذي يعيشون فيه ، بسلوك و أخلاقيات واقعية ، غير متناقصة.

 

 

 

 

  


 

1 -  سعدون نجم الحلبوسي : مرجع سابق ، ص 58.

2 - عبد السلام عبد الرحمان جامل : مرجع سابق ، ص 34.

3 - سعدون نجم الحلبوسي : مرجع سابق ، ص59.

و إذا ما قارنا طريقة ديوي لحل المشاكل لوجدناه يركز على نشاط التلميذ أكثر ، كما يمكن تلخيص مضامين الفلسفة البراجماتية للمنهج فيما يلي: (1)

1 – فالأهداف العامة للمنهج ترمي الى إعداد أفراد عمليين واقعيين في شخصيتهم وسلوكاتهم وكذلك ما جاءت به مقولة ديوي التربية هي  الحياة نفسها وليست الإعداد للحياة ، وذلك أن الحياة تتضمن النشاط و النمو و من النشاط و النمو تتولد التربية و التربية هنا إذ وظيفتها الحقيقة هي النمو و عناية النمو أكثر ، كما إن غاية التربية تربية أكثر بحيث يحدد ديوي أن هدف التربية تمكين الفرد من المشاركة في الوعي الاجتماعي للجنس البشري و التكيف مع البيئة البيولوجية الاجتماعية بطريقة مبدعة خلاقة ، فالمنهج يتكون في العموم من وحدات دراسية عملية تختص الواحدة منه بخبرات ذات طبيعة مرتبطة و متجانسة ، ويرون أنه لا فرق بين مادة و أخرى لأنها جميعا نواحي من نشاط الإنسان ، ويقصد به حل مشاكل البيئة التي لا تتجزأ و من أمثلة المناهج التي تبنى على أساس الفلسفة البراجماتية مناهج الخبرة أو النشاط القائم على ميول الأطفال و حاجاتهم أو حول المواقف الاجتماعية.

2 – إن معارف المنهج ما هي الى أداة لتناول التجارب و الخبرات لمواجهة المواقف المستجدة دائمة التجدد التي يعيشها التلاميذ و يواجهون بها تقلبات الحياة ، و أن المعرفة الحقيقية ليست المعارف المستمدة من الكتب و لكنها قوة لمواجهة المواقف الجديدة و الخبرة هي إحدى شروط النمو فلابد أن يشترك جميع التلاميذ اشتراكا كاملا في جميع الخبرات التربوية ، فالمنهج يحتوي على قائمة من المشكلات الاجتماعية التي تحتاج الى حل و بالتالي بتدرب التلاميذ على أفضل الطرق للوصول الى حل هذه المشكلات التي يحتاجون فيها الى مهارات أساسية كالقراءة والكتابة و الحساب أو الاستماع الى الآخرين.

 

 

 

 

 

 

  


 

1 - سعدون نجم الحلبوسي : المرجع السابق ، ص 62.

مع قوانين الحياة المحسوسة حولهم ، أي أنها ترمي الى إعداد أفراد واقعيين في فكرهم و شخصياتهم وسلوكهم ، غير مثاليين أو خياليين ، فهي ترى أن يكون هدف الدراسة من أجل فهم الكون الذي نعيش فيه.

2 – أن تكون معارف المنهج واقعية حسية ومادية في طبيعتها ، فالعلوم الطبيعية هي أبرز أنواع المعرفة المقررة في المناهج الواقعية الأرسطية نظر لتفسيراتها المادية غالبا وترى بأن قياس الحقيقة هو مفتاح المعرفة ولهذا فهي كثيرا ما تزود الطلاب بالمهارات و المعارف و المحتويات اللازمة لربط النظرية بالتطبيق.

3 – إن خبرات و أنشطة التعلم هي في مجملها حسية عملية تقوم على استعمال التلاميذ لحواسهم الخمس ، وإدراك المعرفة المنهجية المطلوبة ، وأن التمارين العلمية و الشرح العلمي و التجارب و المشاريع و الزيارات الميدانية و التطبيقات السلوكية هي أمثلة لما يقومون به من أنشطة خلال تعلمهم الواقعي و أن محتويات المنهج تكون متغيرة يتم التعديل و التطوير فيها كلما ظهرت معارف جديدة أو كلما تغيرت الأفكار و النظريات السائدة في المجتمع.

4 – إن تقييم التعلم يتم بمعايير و مواصفات واقعية ، وعملية محسوسة و أن نجاح التلاميذ مرتبط بمدى ارتقاء انجازاتهم لمتطلبات الواقع السلوكية

5 – إن من أمثلة مناهج الفلسفة الواقعية العلوم الطبيعية و الاجتماع و الجغرافية(1)   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  


 

1 - سعدون نجم الحلبوسي : المرجع السابق ، ص 59.

- تقييم النظرية الواقعية:

لقد مهدت الفلسفة الواقعية لظهور اتجاهات في التربية أكثر تشبعا بالروح الواقعية ، حيث أنها أفادت بالتجديد في المحتويات وطرق تدريسها ، و التي لا بد أن ترتبط بواقع المتعلم ، و انتقدت هذه الفلسفة الطرق التقليدية التي تقوم على القسوة و العقاب و تركز الفرصة للعمل و التطبيق ، أي أن التربية وسيلة لتحقيق أغراض عملية نفعية ، حيث تعمل على إعداد مناهج تجعل من الفرد قادرا على فهم واقعه.

- إلا أن لهذه النظرية عدة انتقادات تتمثل في أنها ترى أن كل المعارف المحيطة بنا يصل إليها الإنسان عن طريق المشاهدة و الملاحظة و بذلك فإنها لا تعترف بالظواهر الغيبية ، بالإضافة الى مقالات أصحاب المذهب التجريبي في هذه الفلسفة الى حد إنكار الاستعدادات الموروثة التي تتحكم في عملية التعليم ، حيث يرون أن الطفل يولد بعقل كالصفحة البيضاء و يكتسب المعرفة بالحواس و فيما يخص المادة الدراسية التي تعتبرها المحور المركزي في التربية و تهمل دور المعلم و المتعلم و بهذا فقد ركزت على المحتوى أي المادة العلمية و أهملت الأسلوب و الطريقة في اكتسابها

* نظرية توجه المحتوى:

وتعطي صورة أخرى من صور صنع المنهج الدراسي ، فإذا كنا نهتم بالمنهج الدراسي من حيث عناصر التنظيم المنطقي أو من حيث نوعية القيم التي تؤثر و تتأثر بها فان أنصار نظرية توجه المحتوى يفضلون فهم و تفسير المنهج المدرسي من خلال ما يسمونه بانتقاء المحتوى و تنقسم هذه النظريات الى :

نظريات تتمحور حول الطفل: يهتم أصحاب هذا الاتجاه بالطفل كنقطة البداية و محور التعليم من خلاله يتحدد مضمون المنهج و شكله ، فالطفل يجب أن يكون الاهتمام به منصب على الجانب المعرفي التربوي أكثر من الجانب المعرفي فالطفل مركز حركة في التربية و لقد وجدت خلال العقود الثلاثة الماضية ثلاث حركات رئيسية فيما يتعلق بالمنهج المتمركز حول الطفل هي :

1 – التربية الوجدانية: و تهتم بمشاعر وقيم الطفل عند انتقاء المحتوى التعليمي الذي يوجه إليه و لذا فدور المعلم هنا هو تحديد الأنشطة التعليمية – التعلمية التي تساعد الطفل على التعبير عن المشاعر و الفهم الواضح للقيم ، كما يجب مراعاة سلوك الطفل و انسجامه في الأنشطة المدرسية أكثر من محاولات السيطرة و التحكم في سلوكه.

و قد أوضح " براون" ضرورة الاهتمام بالتربية (الوجدانية) الاندماجية كأسلوب في المنهج بدمج و مزج بين النمو البدني و الوجداني و العقلي ، كما نادى "سبليت" بتتابع منهج التربية الوجدانية من خلال الأنشطة التي تساعد الطفل على أن يصبح ذو وعي باهتمامه و مشكلاته.

2 – التربية المفتوحة: أكد  هذا الاتجاه على أهمية النمو الاجتماعي و المعرفي من خلال عمليات استكشاف و نشاط غير رسمية الى جانب المصادر التربوية الرسمية و يذكر "ليلين فيبر" أن الخطط التربوية توضع مناسبة للأطفال بطريقة غير مباشرة جدا، كما يجب أن تواكبها خطط أخرى تركز على علاقات الأطفال بطريقة غير مباشرة ، فالطفل عندما يمنح الحرية لأن يكتشف المواد بطريقة خاصة به فإنه يكون في الغالب غافلا عن التصنيفات و التوزيعات التي يكون الكبار قد وضعوه فيها.

3 – التربية التطويرية: نستخدم كلمة التربية التطورية للإشارة الى الاتجاه المنهجي الذي يؤكد على مراحل التطور في نمو الطفل باعتبارها هي التي تحدد بصفة رئيسية وضع الطفل في الصف المناسب و تتابع دراسته ونجد لدى 'هار فيجهريست' تأكيده على المهام التطورية و الذي يعني أن كل مرحلة رئيسية من تطور الطفل تتميز بظهور أعمال و مهام عديدة و التحقق الناجح لتلك الأعمال يؤدي الى سعادة الطفل بينما يبدو من المفيد أن تأخذ بعين الاعتبار تطور الطفل و نموه في اختيار المحتوى ووضعه في المكان الملائم  (1)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

1 - صلاح الدين عرفة محمود : المنهج الدراسي و الألفية الجديدة ، دار القاهرة ، القاهرة ، 2002،ص 101.

-  تقييم نظرية توجه المحتوى :

لقد ساهمت هذه النظرية كثيرا في وضع المناهج التربوية و هذا لأنها عالجت محتوى المقررات و المبادئ التي يجب مراعاتها في وضعها حيث أنها اهتمت بالطفل و جعلته محور العملية التربوية و ركزت في تربيته على الجانب الأخلاقي لبناء شخصية الطفل و يجب على المناهج التربوية أن تراعي مراحل نمو الطفل.

إلا أن لهذه النظرية بعض الانتقادات حيث أنها ركزت على الجانب الأخلاقي و أغفلت الجانب المعرفي و كذلك عدم إعطاء التلميذ الفرصة في انجاز المواد المقررة و خصتها بالمؤسسات الرسمية .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

* الفلسفة الإسلامية و مضامين المنهج:

منبع هذه الفلسفة هو القرآن الكريم والحديث الشريف ، إلا أنها أيضا تأثرت بما قبلها من الفلسفات كالفلسفات الشرقية و اليونانية و المصرية القديمة كما أن انتخابية انتقائية تأخذ ما يتناسب و ما يتماشى مع مبادئ الإسلام الحنيف ، فالمعرفة محدودة في إطار حدود الإسلام و من المعالم التربوية للفلسفة الإسلامية" الغزالي " ، فالفلسفة الإسلامية علمية تحث على الملاحظة و التجريب للوصول الى الحقيقة و المعرفة و تنظر الى العلم أن له مكانة رفيعة و أنه من أشرف الصناعات و أفضلها لأن الله سبحانه و تعالى خص به الإنسان دون غيره (1)

كما أنها من ناحية أخرى ترمي الى المساهمة في التنمية الشاملة المتكاملة للمجتمع الإسلامي و في تأكيد الشخصية الإسلامية المتميزة و في الحفاظ على تراثه و تطويره و تجديده باستمرار في تحقيق تقدمه و تغيره المرغوب و في تلبية احتياجاته من الكفاءات العلمية و الفنية و الأيدي العاملة ، و محتوى منهج التربية الإسلامية و هو مجموع الحقائق والمعايير و الخبرات و المعارف و المفاهيم و المهارات التي تساهم في بناء الإنسان الصالح تعتبر هامة و يجب تضمينها في المنهج ولا شك أن ممارسة الشعائر المفروضة من صلاة وصيام داخل المدرسة و ممارسة السلوك الذي يتفق مع نص الإسلام ، و المواد التي تشكل المنهج الدراسي الإسلامي هي القرآن الكريم و السنة و الاشتغال بالفروع و العقائد  (2)

كما يستخدم منهج التربية الإسلامية مجموعة كبيرة و متنوعة من الطرق و الأساليب في التربية و من أهم هذه الطرق (3)

طريقة القدوة و التلقين و طريقة المثوبة و العقوبة و طريقة القصة و طريقة التربية عن طريق استثمار الطاقات في عمل الخير، وطريقة المناقشة و الحوار و إن تقييم التعليم في المنهج الإسلامي ليس من أجل اجتياز الامتحان و أداء الاختبار بل من أجل اكتساب المعارف و المفاهيم و المهارات و استخدامها في عمارة الأرض و سمو الحياة بما يتفق مع منهج الله .

 

 

  


 

1 - خليفة يوسف الطراونة : أساسيات في التربية ، دار الشروق ،ط1 ، عمان ، 2004 ،ص 72.

2 - سعدون نجم الحلبوسي : مرجع سابق ، ص 57.

3 - سعدون نجم الحلبوسي : نفس المرجع ، ص 58.

ثانيا: تطور التعليم الثانوي بعد الاستقلال

* المرحلة الأولى: (1976 – 1990 )

       صدرت في هذه الفترة أمر سنة 16 أفريل 1976 المتضمنة تنظيم التعليم و التكوين في الجزائر و نشر المرسوم الرئاسي المتضمن التنظيم الجديد للتعليم الثانوي الذي لم يطبق أبدا و هو النص الذي حدد في المواد ( 33 , 34 , 35 ,36 ,37 ) من الفصل الأول من الباب الرابع مهام التعليم الثانوي ، فقد صدر قرار سنة 1978 يقضي بالتسوية بين التكوين في المتاقن و التكوين في الثانويات التقنية و قد عرف التعليم الثانوي تزايد تلاميذ التعليم التقني أكبر من معدل تزايدهم في التعليم العام (1) ، و ما عرفته سنوات الثماننيات هو ظهور وثائق لإصلاح التعليم الثانوي و قد جاءت كما يلي: (2)

- إنشاء كتابة الدولة للتعليم الثانوي تقني قصير يتوج بشهادة الكفاءة التقنية 1980 .

- مشروع تنصيب تعليم ثانوي تقني قصير يتوج بشهادة الكفاءة التقنية 1981.BCT و السماح لحاملي شهادة الباكالوريا بالدخول الى الجامعات 1982 و بعدها صدر مشروع إلغاء كتابة الدولة للتعليم الثانوي و التقني و إنشاء منصب نائب وزير مكلف بالتعليم الثانوي و التقني 1984 و في هذه السنة أعدت هيكلة شاملة للتعليم الثانوي العام و التقني مع مضاعفة الشعب مرتين ليصبح عددها 28 شعبة و إدراج تعليم اختياري إجباري 1984.

     و بقدر ما تميزت هذه المرحلة بروج جديدة في مجال التشريع و التنظيم تميزت بإفراز مشاكل عديدة في المجال التطبيقي ، حالت دون تنفيذ كل البنود الواردة في أمرية 1976.

- نصت وثيقة مشروع الميثاق الوطني في سنة 1986 على ديمقراطية التعليم حيث تتميز منظومة التربية و التكوين بإجبارية التعليم و تعميمه على الأطفال و يتم ذلك دون الإخلال بمبدأ العدالة الاجتماعية و مع استبعاد كل شكل من أشكال التمييز.

 

 

 

 

 

  


 

1 - إبراهيمي الطاهر : منظومة التشريع المدرسي المردود التربوي ،المدرسة الجزائرية ، (رسالة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه في علم اجتماع التنمية )، جامعة منتوري ، قسنطينة ، الجزائر،2003/2004 ، ص 445.

2 - وزارة التربية الوطنية : مشروع إعادة تنظيم التعليم و لتكوين ما بعد الإلزامي ، الجزائر ،2005 ، ص 6.

و تحقق خطوات أخرى في مجال الجزأرة أساتذة التعليم الثانوي حيث ارتفع عدد الجزائريين و تفوق على الكم الأجنبي كما يوضح الجدول الآتي:

الجدول رقم -1- يوضح تطور جزأرة  أساتذة التعليم الثانوي من ( 1976 - 1987 )

 

الجنسية

 

السنة الدراسية

 

الأجانب

 

الجزائريون

 

المجموع

النسبة المؤوية

الأجانب

الجزائريين

1976 - 1977

449

394

843843

53.26

46.73

1981 - 1982

550

854

1404

39.17

60.82

1983 - 1984

395

719

1114

35.45

64.54

1984 - 1985

521

966

1487

35.09

64.96

1985 - 1986

587

1576

2163

27.13

72.86

1986 - 1987

653

1875

2528

83.25

76.16

 

* المصدر الطاهر زرهوني : التعليم في الجزائر قبل و بعد الاستقلال ، موفر للنشر ، الجزائر ،1993 ،ص 101.

 

إن تفوق الكم الجزائري في تأطير التعليم الثانوي بدا واضحا في السنة الدراسية (1981 – 1982 ) حيث شكل نسبة 60.82 %  و استمر في التزايد حتى بلغ 76.16 % في السنة (1986 – 1987) و يفسر هذا التفوق الجهود التي بذلت في تكوين المكونين بالخصوص ، و كذلك تم تعميم اللغة العربية كلغة تعليم لكل المواد إبتداءا من الدخول المدرسي (1985-1986) (1)

- تم إنشاء اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية و نظام التكوين بصورة شاملة عام 1989 م ، إلا أن النتائج التي توصلت إليها هذه اللجنة لم يتم استغلالها كما تم تعديل طريقة الانتقال و التوجيه الى التعليم الثانوي حيث أخذت نتائج شهادة التعليم الأساسي بعين الاعتبار ، في حساب معدل الانتقال (2)

 

 

 

 

  


 

1 - الطاهرزرهوني : التعليم في الجزائر قبل و بعد الاستقلال ، موفم للنشر ، الجزائر ، 1993 ،ص101.

2 - بوفلجة غياث : التربية و التعليم في الجزائر ، دار الغرب للنشر ، ط1 ، الجزائر،2006،ص ص 56-57.

كما تميزت سنة (1985 – 1986) أنها السنة التي شرع فيها الإصلاح بالنسبة للتعليم الثانوي ، كما أنها السنة التي نشأت فيها الجذوع المشتركة و طرح ملف منظومة التربية في عملية تقويم واسعة في سنة 1978 شاركت فيه أسرة التربية و تم إعداده و تقديمه الى اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني في دورتها العشرين في 21 ،22 جوان1988 أصدرت بشأنه توصيات تتعلق بالمبادئ الأساسية لإصلاح المنظومة التربوية لذلك أخذت الحكومة على عاتقها ملف الإصلاح ضمن برنامج عملها سنة 1989.

كما ساهمت اللجنة الوطنية لإصلاح منظومة لإصلاح منظومة التربية و التكوين و التعليم العالي التي نصت من طرف رئيس الحكومة في 15 جانفي 1989 بهدف تحديد الشروط العامة لإقامة إصلاح معتزم و بتشخيص الوضعية لسنة 1989 اتضح أن التعليم الثانوي بقي على ما كان عليه تقريبا سنة 1962 حتى بات غير قادر على الأهداف المسندة اليه و لكن رغم ذلك استطاع التعليم الثانوي أن يسجل بعض الانجازات مثل : (1)

- الارتفاع الضخم في عدد التلاميذ .

- جزأرة التأطير .

- المساهمة في تقوية الشخصية الوطنية .

- انجازات في الهياكل و الوسائل .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  


 

1 - ابراهيمي الطاهر : مرجع السابق ، ص 465.

* المرحلة الثانية (1991-1998)

و قد تميزت هذه المرحلة بإعطاء التعليم الثانوي اهتماما واسعا، و بإعادة النظر فيه تنظيميا و من حيث المهام و قد تكلفت لجنة بهذه رغبة في تحقيق أهداف من الهيكلة و التي تمثلت فيما يلي: (1)

- إيضاح نمطي التعليم المعد للجامعة و المؤهل للشغل و تبسيط هيكلة التعليم بتفادي التخصص المبكر و تقليص عدد الشعب من 28 الى 15 شعبة حيث أضفت تماسك داخلي على التعليم الثانوي لضمان الانسجام بينه وبين التعليم العالي من جهة و عالم الشغل من جهة أخرى.

     وضع نظام توجيه مؤسس على تقويم موضوعي متكامل و اقترحت هذه الهيكلة أن يشتمل التعليم الثانوي على ثلاث أنماط من التعليم ، تعليم تكنولوجي يعد للجامعة كالهندسة الكهربائية و الهندسة الميكانيكية ، والهندسة المدنية و تسيير واقتصاد ، وتعليم تأهيلي يعد لعالم الشغل ، وتعليم عام عوضت فيه شعبتا الرياضيات و التقنيات الرياضية و شعبة العلوم الدقيقة و شعبة العلوم التجريبية و شعبة الآداب بثلاث شعب هي شعبة الآداب و العلوم الإنسانية ، وشعبة الآداب و العلوم الشرعية و شعبة الآداب و اللغات الأجنبية.

     إن الاهتمام بهذه المرحلة من عمر التعليم الثانوي في الجزائر المستقلة جاء بعد أن لاحت مؤشرات الأزمة بوضوح ، وبدت مشاكل هذه المرحلة التعليمية أكثر نشاطا و تنوعا و تأثيرا على المردود التربوي ، وبعد أن جرت إصلاحات على مراحل التعليم السابقة و اللاحقة فقد تبلورت رؤية مستقبلية واقعية للتصحيح بالرغم من أنها كانت بحاجة الى مزيد من التطبيق لتنال حظها من المحاولة (2)

و رغم النتائج الايجابية المحققة في هذا التطورمن تطور كمي لعدد التلاميذ و عدد المؤسسات و الأساتذة رافقتها بعض الظواهر السلبية التي أدت الى انخفاض مستوى التعليم وضعف مردوده وأسباب هذه الوضعية تعود أما الى عوامل ذات طابع اجتماعي أو ذات طابع تنظيمي بالإضافة الى عوامل تربوية ، و يمكن توضيحها كما يلي: (3)

 

 

 

  


 

1 - الطاهر زرهوني : مرجع سابق ، ص 101.

2 - وزارة التربية الوطنية : مشروع إعادة تنظيم التعليم و التكوين في مرحلة ما بعد الإلزامي ، مرجع سابق ، ص 7 .

3 - الطاهر زهوني : مرجع سابق ، ص ص 77-78.

أ – عوامل اجتماعية:

تتمثل في الوضعية الاجتماعية و المهنية السيئة للأساتذة من سكن ، أجر ، مواصلات .

ب – عوامل تنظيمية:

تتمثل في التخصص المبكر و الدقيق الذي أدى الى تنوع الشعب و كثرة عددها ، مع كثرة المواد التعليمية و كذلك حجم المواقيت و التوجيه المبكر إبتداءا من السنة التاسعة أساسي بالإضافة الى النقص الملحوظ في التواصل و الانسجام بعد هيكلة التعليم العالي تلاميذ قادمين من مختلف شعب التعليم العالي ، اذ نجد في نفس الجذع المشترك للتعليم العالي تلاميذ قادمين من مختلف شعب التعليم الثانوي أي بملامح تكوين مختلفة هذا بالإضافة الى دعم تلاؤم أنماط التكوين الممنوح من التعليم الثانوي مع قطاع الشغل و حاجاته.

ج - عوامل تربوية:

تتمثل في ثقل البرامج التعليمية التي تتميز بنقص في التكامل مع برامج في التعليم الأساسي ، ونقص المواد التعليمية و قلة ملاءمتها مع حاجات المجتمع و تطور المعارف و النقص الملحوظ في التكوين الأولي للأساتذة و ذلك من حيث أنماط التكوين و نوعيته من جانبه العلمي و البيداغوجي  ، و غياب البحث التربوي الفعال الضروري للمردود الفعلي للأساتذة و تشخيص نقائص تكوينهم مع غياب البحث التربوي الفعال الضروري لتحسين نوعية التعليم و ذلك على مستوى المنظومة التربوية بالإضافة الى عدم نجاعة أساليب تقويم التلاميذ و غياب منهجية للمعالجة التربوية ، هذا مع التوجيه بأسلوب التوزيع الآلي للتلاميذ على مختلف الشعب دون التدقيق في قدراتهم الفعلية و رغباتهم وفرص النجاح المتاحة لهم و مما زاد هذا الوضع تأزما الاكتظاظ داخل الأقسام و الذي يتراوح في بعض الأحيان الى 50 تلميذا في القسم الواحد.

 

 

 

 

 

     هكذا بدت الصورة التي آل إليها التعليم الثانوي في 1998 غير مختلفة كثيرا عن ماضيها في كثير من الجوانب ، رغم التوسع في نشر التعليم و تضاعف هياكله و تلاميذه و أساتذته و هو وضع اتفقت جميع الأطراف على اعتبار إصلاحه أولوية حتى وأن لم تزد المشاريع الإصلاحية إلا إسهامات تحليلية و تصورات مستقبلية يأخذ بعضها  برقاب بعض في حركة تراكمية متقطعة في الزمان متعددة من حيث الجبهة الرسمية التي تسهر بشكل مباشر على تفعيلها لكن دون كفاءة امبريقية ظاهرة إذ تبقى مردودية التعليم الثانوي ضعيفة على المستوى الداخلي كما اتضح ذلك من خلال عدد المتخرجين بالنسبة لعدد الداخلين إليه من التلاميذ و على المستوى الخارجي يظهر الضعف في عدم قدرة التعليم الثانوي من إعداد القوى العاملة الضرورية لعالم الشغل و الإنتاج.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

* المجلس الأعلى للتربية (1996 -1998 )

عقد المجلس الأعلى دورته التأسيسية في نهاية ديسمبر 1996 و قد تكون خمسة لجان دائمة هي :  لجنة التعليم ، لجنة التكوين ، لجنت البحث و الاستشراف ، لجنة المتابعة و التقويم ، لجنة العلاقات بالمحيط الاجتماعي و الثقافي و أعتبر المجلس جهازا وطنيا لدى رئيس الجمهورية للتشاور و التنسيق و الدراسات و التقويم في مجال التربية و التكوين و مهامه الأساسية حسب الوثائق الرسمية و تتمثل فيما يلي: (1)

1 – اقتراح إستراتيجية تنمية شاملة للمنظومة التربوية التكوينية الوطنية بناءا على المقاييس العلمية و قيم الهوية الثقافية للمجتمع الجزائري .

2 – تحقيق الانسجام الداخلي و الخارجي لمنظومة التربية و التكوين و الرفع من مردودها .

3 – العمل على توثيق الصلة بين المدرسة و المحيط الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و تحقيق الملائمة بين سياسة التكوين و سياسة التشغيل.

4 – العمل على تمكين المنظومة التربوية من إحداث التغيير الاجتماعي ، بتكوين  المواطن الواعي المستوعب لمعطيات الحياة المعاصرة.

5 – التقويم المنظم للسياسة الوطنية للتربية و التكوين و اقتراح تصحيح الاختلالات التي قد تظهر في الميدان

6 – دراسة كل المسائل المتعلقة بالتربية و التكوين إبداء الرأي فيها ، كمشاريع الإصلاح التي تبادر بها القطاعات المعنية و مخططات العمل القطاعية للوزارات.

7 – إقامة علاقات تعاون مع الهيئات و المنظمات الإقليمية و الدولية التي لها مهام مماثلة لمهام المجلس أدوات العلاقة بنشاطه.

 

 

 

 

 

 

  


 

1 - تلوين حبيب : التكوين في التربية ، دار الغرب للنشر و التوزيع ، وهران ، 2002 ،ص 209.

و قد استطاع المجلس الأعلى أن يخرج بعد سنتين من تأسيسه بوثيقة قاعدية نوقشت في ندوة وطنية بين 28 و 29 جوان 1998 و من أهم ما برز فيها هو اقتراح المبادئ العامة لسياسة تربوية جديدة و المتجلية في أربعة أبعاد أساسية يمكن توضيحها كما يلي: (1)

1 – البعد الوطني المتمثل في كون أن الإسلام و العروبة و الأمازيغية هي المكونات الأساسية لهوية الأمة الجزائرية التي تكرس أصالتها و بالتالي فالمدرسة تسعى لترسيخ هذه القيم

2 – البعد الديمقراطي كون المدرسة تعمل على نشر الثقافة الديمقراطية باعتبارها قيما و سلوكا في مبدأ ديمقراطية التعليم.

3 – البعد العلمي و التكنولوجي

4 – البعد العالمي كون الجزائر جزء من سباق عالمي أوسع بالرغم من خصوصياتها و امتدادها و ضرورة أن تسعى مدرستها لإثراء التراث الإنساني .

-  نهاية المجلس الأعلى للتربية:

إن إنشاء المجلس الأعلى هو مطلب كل المربين فان إنشاءه أدى الى الاعتقاد بدخول مرحلة جديدة من إنشاء الهياكل المختصة لمواجهة التحديات التربوية و أن ذلك هو الخطوة الأولي نحو وضع إستراتيجية واضحة مبنية على أسس عملية لإصلاح المنظومة التربوية في الجزائر إلا أن غياب تلك الإستراتيجية أدى الى إلغاء المجلس عند انتقال السلطة الى رئيس جديد للجمهورية و الذي ألغى غالبية المجالس الاستشارية التي أنشأها الرئيس السابق ' اليمين زروال ' ، وبهذا انتهت تجربة المجلس الأعلى للتربية دون ظهور تقرير تقويمي عن نشاط المجلس و دون تعويضه بهيئة دائمة لمتابعة المنظومة التربوية .

من أجل إنجاح عملية الإصلاح التربوي و التنسيق بين مختلف مراحل التعليم ، لابد من هيئة عملية تضم أبرز الباحثين و تسخر لهم  كل الإمكانيات المادية و البشرية من تقويم يسير المنظومة التربوية و اقتراح الإصلاحات المناسبة لها (2)

 

 

  


 

1 - تلوين حبيب : المرجع السابق ،ص 211.

2 - بوفلجة غياث : مرجع سابق ، ص 145.

* المرحلة الثالثة من (1999 - 2002 )

- اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية : (1999 – 2001 )

       تم تأسيس هذه اللجنة بعد حل المجلس الأعلى للتربية السابق الذكر ، و بالرغم من انتهاء أجال تقديم تقرير النهائي و استلامه من طرف رئاسة الجمهورية إلا أنه حتى الآن لازالت نتائج عمل اللجنة لم يعرف فحواها على نطاق واسع إذا استثنينا الفقرات التي ترد في الصحافة من حين الى آخر و التي تجمع كلها على انقسامات حادة في الرأي بين أعضاء اللجنة ، ومن القضايا التي جلبت اهتمام الكثير من المتتبعين للشأن التربوي و هي أي لغة أجنبية نختار ؟ و في أي مرحلة تعليمية من مراحل التعليم الأساسي ندرجها إضافة الى قضية إمكانية فرنسة الشعب العلمية في التعليم الثانوي ، وكذلك المشكل المفتعل المتعلق ببرنامج التربية الإسلامية و حصتها الزمنية ضمن التربية المدنية أو تدريسها كمادة منفصلة   (1) 

      فلو عندنا الى المرسوم الرئاسي 2000/101 المؤرخ في 5 صفر 1421 الموافق لـ 09 ماي 2000 والمتضمن إحداث اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية لوحدناه يتضمن في فصله الأول مواد من المادة الثانية الى المادة الخامسة تحدد مهام و صلاحيات هذه اللجنة كالآتي:

المادة02: تكلف اللجنة على أساس مقاييس علمية و بيداغوجية بإجراء تقييم للمنظومة التربوية القائمة قصد إعادة تشخيص مؤهل و موضوعي و مفصل لجميع العناصر المكونة لمنظومة التربية و التكوين على ضوء هذا التقييم.

المادة03: تكلف اللجنة في هذا الإطار باقتراح مشروع يحدد العناصر المكونة لسياسة تربوية جديدة تشمل على الخصوص اقتراح مخطط رئيسي  يتضمن المبادئ العامة و الأهداف و الاستراتجيات و الآجال المتعلقة بالتنفيذ التدريجي للسياسة التربوية و المالية و المادية الواجب توافرها من جهة أخرى(2) 

 

 

 

 

  


 

1 - تيلوين حبيب : مرجع سابق ، ص 214.

2 - وزارة التربية الوطنية : النشرة الرسمية للتربية الوطنية ، العدد 439 ، جويلية - أوت 2000 ، ص3

المادة04:تقدم اللجنة في أجل 09 أشهر من تاريخ تنصيبها نتائج أشغالها في شكل تقرير عام يستخدم كأساس لإصلاح المنظومة التربوية في مجملها لإعداد ترتيب قانوني جديد يحكم منظومة التربية و التكوين.

المادة05: تدرس اللجنة و تقترح في إطار المسعى الأهم لمهمتها و على أساس التشخيص الذي تعده ضمن تقرير مفصل التدابير التي تراها ضرورية و عاجلة لتطبيقها في ميدان ذات أولوية مباشرة مع الدخول المدرسي الذي يلي تاريخ تنصيبها.

 

* المرحلة الرابعة ( 2002 - 2005 )

      في هذه المرحلة حدثت عدة تغييرات و تعديلات في التعليم الثانوي حيث تم إنشاء اللجنة الوطنية للمناهج ، وتنظيمها و سير عملها و هذا وفقا للقرار المؤرخ في 11 نوفمبر 2002 ، و بعدها صدر القرار رقم 16 المؤرخ في 14 ماي 2005 المتضمن هيكلة التعليم الثانوي العام و التكنولوجي ، حيث يهدف الى تنصيب المناهج الجديدة للسنة الثالثة من التعليم الثانوي العام و التكنولوجي بحيث تتكفل المصالح و مؤسسات التعليم الثانوي العام و التكنولوجي بتسيير وتنفيذ المناهج الجديدة و متابعتها و تقويمها وفقا للنصوص التنظيمية السارية المفعول ، بحيث يستلزم تنفيذ المناهج الجديدة توفير مختلف المستلزمات الضرورية ، إضافة الى تكوين التأطير التربوي و البيداغوحي في مجال المقاربة المعتمدة في بناء هذه المناهج وكذا توفير السندات التربوية الرسمية (1)

 

 

 

 

 

 

 

  


 

1 - وزارة التربية الوطنية : قرار رقم 370 ، تنصيب مناهج السنة الثالثة من التنظيم الثانوي العام و التكنولوجي ، مارس ، 2007 .

كما جاءت تعديلات خاصة بعمليات تقويم أعمال التلاميذ ، صدر المنشور رقم 2039 المؤرخ في 13 مارس 2005 ، حيث تم العمل و الشروع في تطبيق نظام التقويم البيداغوجي الذي وضع حيز التنفيذ إبتداءا من سبتمبر 2005 إضافة الى دراسة و متابعة كيفية تطبيق إجراءات تقويم الأعمال التلاميذ في الميدان (1)

وبالنسبة للمنشور رقم 2378 المتضمن مختلف الإجراءات  و الترتيبات التربوية و التنظيمية لتنصيب  السنة الأولى ثانوي حيث تضمن القرار رقم 11 المؤرخ في 24/03/2005 اقرار البرامج التعليمية ، أما القرار رقم 50 المؤرخ في 10/05/2005 المتضمن تنصيب المناهج الجديدة للتعليم الثانوي ، في حين نجد :

القرار رقم 16 المؤرخ في 14/05/2005 المتضمن هيكلة التعليم الثانوي العام و التكنولوجي أما المنشور رقم 2160 المؤرخ في 10/05/2005 المتضمن المواقيت و المعاملات و المنشور رقم 862 المؤرخ في 03/05/2005 المتضمن التدابير التربوية و البيداغوجية المرافقة لتنصيب السنة الأولى ثانوي.

      طبقا للقرارات و المناشير المذكورة أعلاه فقد حددت الهيكلة الجديدة للتعليم الثانوي العام و التكنولوجي ، و أقرت المناهج الجديدة وتضمنت التدابير التربوية و البيداغوجية لتنصيب السنة أولى ثانوي خلال الموسم الدراسي 2005/2006 في جذعين مشتركين جذع مشترك آداب و جذع مشترك علوم و تكنولوجيا ، و قد اتسمت هذه الهيكلة بمناهج جديدة تصبو الى تحقيق  غايات تتمثل في استقطاب باهتمام التلاميذ للتكنولوجيا و إتقان استخدامها و توظيفها وإعدادهم لمواصلة الدراسة الجامعية والتأقلم مع مستجدات  إصلاح المنظومة الجامعية (2)

 

 

 

 

 

 

 

 

  


 

1 - وزارة التربية : منشور رقم 2039 ، تعديلات خاصة بعمليات تقويم أعمال التلاميذ ، الجزائر ، مارس ، 2005.

2 - وزارة التربية الوطنية : منشور رقم 2378 ، الإجراءات و الترتيبات التربوية و التنظيمية لتنصيب السنة أولى ثانوي ، الجزائر ، أوت 2005.

ثالثا: مهام التعليم الثانوي و أهدافه

1 - مهام التعليم الثانوي

التعليم الثانوي مرحلة تعليمية تستقبل تلاميذ التعليم الأساسي الذين ينتقلون إليه بعد نجاحهم من السنة التاسعة أساسي ، و ذلك لإعدادهم في مدة 3 سنوات عادة لاجتياز امتحان الباكالوريا و من ثمة فإن مهامه تكتسب أهميتها البيداغوجية و الاجتماعية و الاقتصادية ، فعلى المستوى البيداغوجي تقع مهمة التدرج بالتلميذ من مستوى التلقين و التحصيل المجردين الى مستوى النقد و التحليل تمهيدا للتكوين العالي ، و في المستوى الاجتماعي فانه يعد للمجتمع إطاراته العليا و مهارات العمل الفنية و في ذلك أيضا خدمة للاقتصاد الوطني هكذا تبدو وظيفة التربية و التعليم في هذه المرحلة التعليمية الحاسمة   (1)

      و هذا ما أكدته المواد 35 ، 36 ، 37 من الأمر 35 ، 76 المؤرخ في 16 أفريل 1976 التي أشارت أن التعليم الثانوي العام يهدف الى إعادة التلاميذ للالتحاق بمؤسسات التعليم العالي أما التعليم الثانوي التقني فيزيد على ذلك تدريب التلاميذ في المادة والمواد الذين يظهرون فيها تفوقا ملحوظا و تنحصر أهداف التعليم الثانوي التقني و المهني في إعداد الشباب للعمل في قطاعات الإنتاج فهو يعد تقنيين و عمالا مؤهلين. 

      و يجمع أغلب المربين أن التعليم الثانوي هو استكمال للتعليم الأساسي ، غير أن غرضه أعمق و أرقى لأنه يتجاوز مجرد توكيد أسس التعلم و التعبير و الفهم الى استخدام تلك الأسس في كسب المعرفة و دراسة مختلف نواحي الفكر و مظاهر الحياة مما يجعل التلميذ قادرا على اكتساب المفاهيم والمهارات العقلية و المثل العليا الاجتماعية و الإنسانية ، وهذا ما يؤكد أن هذه المرحلة التعليمية ضرورة من ضروريات الحياة في كل أمة متحضرة ، وفي الجزائر يختص التعليم الثانوي بإعداد الإطارات المتوسطة للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية حيث يندرج عدد كبير من حاملي الباكالوريا (2)

 

 

 

 

  


 

1 - تركي رابح : وظائف التعليم في المرحلتين الثانوية و الجامعية ، دار الثقافة ، الجزائر ، 1981 ، ص 33 .

2 - تركي رابح : نفس المرجع ، ص 36 .

      و قد استنتجت اللجنة الوطنية لإصلاح منظومة التربية و التكوين و التعليم العالي في ماي 1989 بعد  دراسة للنصوص التشريعية النافذة و تشخيص الوضعية ، أن مهام طور التعليم الثانوي ، تكون في إطار قيمنا العربية الإسلامية و تتمثل في تنمية شخصية التلاميذ و الموطنين و الاستجابة الى الرغبة في الحرية و الإنصاف و الرقي و العدل بالإضافة الى إعداد الشباب لشغل مناصب عمل أو موصلة دراستهم الجامعية ، ولهذا فان ما خلصت إليه اللجنة الوطنية ينبثق عن نص أمرية 76 – 35 المؤرخة في 16 أفريل 1976 و أن ما حملته الصياغة تبسيطا أو تفصيلا و ما يمكن رسمه من خلاصة تأسيسا على تقرير اللجنة هو أن مهام التعليم الثانوي تدور حول ثلاثة مدارات أساسية هي تنمية شخصية التلاميذ و المواطنين و هو صميم التربية و من أكد واجباتها باعتبارها مهنة التنمية الإنسانية و تحقيق الحرية و الرقي و العدل و قيم اجتماعية ضاربة في تاريخ المجتمع الجزائري و منطلقات و أهداف منظومته التعليمية الرسمية ، وثالثا إعداد الشباب للعمل أو لمواصلة الدراسة العليا خدمة لحاجة المجتمع الاقتصادية و ترقية الأفراد و جميع تلك المعطيات تلقي عند تكوين المواطن الجزائري الصالح الذي يعتبر بانتمائه الوطني و يساهم في نهوض مجتمعه ، و تلك المهام المرسومة للتعليم الثانوي لم تكن مطابقة لما يقع في الميدان لأنه لم يكن مرضيا ولا مساويا لما رسم من أهداف و تفاعلت في إعاقة الانجاز كثير من العوامل منها المضامين البيداغوجية للمناهج التربوية التي يثار بشأنها مشروع هو :

هل في مقدور المحتوى التعليمي الواحد أن يتحقق بنجاح مهمة مزدوجة للتعليم الثانوي الإعداد لعالم الشغل و للدراسات الجامعية؟

و فوق ذلك لوحظت نقائص أخرى خصوصا تلك المتعلقة بنقص الانسجام مع بقية أطوار التعليم و التكوين و هو ما تطلب استشارة واسعة و لأجل ذلك نصبت لجنة تقنية استشارية للشعب و البرامج رسميا يوم 21/10/1991 ضمت ممثلين عن قطاعات مختلفة منها التربية و التكوين و التشغيل و الشؤون الدينية و المجلس الوطني للتخطيط (1)

 

 

 

  


 

1 - إبراهيمي الطاهر: مرجع سابق ، ص 449.

و قد باشرت مهامها بصفة مكثفة مدة ثلاثة أشهر ثم تقريرها الذي تضمن تحليلا يبين الدور المنوط بهذا الطور من التعليم و رؤية تجديدية مستقبلية ، و مما جاء فيها أن التعليم الثانوي حلقة في سلسلة منظومة التربية و التكوين و التشغيل فهو من جهة يأتي بعد مرحلة التعليم الأساسي وهو بذلك يستقبل تلامذة التكوين المهني  و من جهة أخرى يزود التعليم العالي بأعداد الطلبة الذين يلتحقون به كما يزود التكوين المهني و عالم الشغل ، لذلك وجب مواصلة العمل لتحقيق الأهداف التربوية العامة و ذلك من خلال دعم و تعميق و توسيع المعارف المكتسبة في المرحلة الأساسية بغرض توظيفها في وضعيات التعليم المختلفة و إكساب قدرات الاستدلال و التحليل و التلخيص و الفهم و تنمية روح النقد و استقلالية الحكم بالإضافة الى إثراء رصيد الثقافة العام ودعم المعارف العلمية و التكنولوجية.

و كذلك التحكم في اللغات الأجنبية و القدرة على استعمالها في اقتناء المعارف و إثراء الثقافة الوطنية بواسطتها و هذا مع مراعات تفتح الشخصية وفقا لفهم الشخصية الوطنية و ثوابتها الروحية و الحضارية كما صاغها و رسخها الإسلام.

و لذلك فان تلك المهام و ان لم تختلف في التوجه العام آل إليه استخلاص اللجنة السابقة المنصبة في 15/01/1989 الا أنها جاءت تحمل تصورا أكثر وضوحا لما هو مطلوب تحقيق في طور التعليم الثانوي مما يشير الى أن الخبرة و الزمن ساعد على حسن الضبط و التنظير هذا بالإضافة الى أنها أشارت الى رؤية جديدة لهيكلة التعليم الثانوي بصيغة في نمطين هما(1) 

- نمط بعد للتعليم العالي.

- نمط تأهيلي يكون لعالم المهن و التشغيل .

 

 

 

 

 

 

  


 

1 - وزارة التربية الوطنية : مشروع إعادة هيكلة التعليم الثانوي ، الجزائر ، 1992 ، ص 6.

 

و بهذا فقد عني التعليم الثانوي العام و التكنولوجي بغايات تتمثل في ما يلي:  (1)   

- المساهمة في تطوير و تحسين المستوى المعرفي للمواطن.

- الوصول الى تخريج التلاميذ بمستويات و كفاءات وفق المقاييس الدولية .

- تحضير التلاميذ الى الحياة في المجتمع الديمقراطي .

- تنمية حب الاعتماد على النفس و احترام الآخرين.

- تدعيم قيم الثقافة الوطنية و الحضارة العالمية.

- المساهمة في تطوير البحث عن الامتياز لدى التلاميذ

- البحث عن أنماط التنظيم و التسيير الأكثر نجاعة.

        و في ضوء الإصلاحات الجديدة الخاصة بالتعليم الثانوي العام و التكنولوجي تمثلت أهم المهام المسطرة له فيما يلي: (2)

- تحضير التلاميذ الى متابعة دراسات جامعية ذات مستوى عال.

- تطوير المواقف التي تسمح باكتساب المعارف و إدماجها.

- تطوير القدرة على التحليل و التقويم و الحكم على الأفكار الغير و حل المشاكل

- جعل التلاميذ يتمتعون بالاستقلالية الذاتية في الحكم.

- دعم روح الانتماء الى أمة و حضارة قديمة العهد.

- تنمية حب الوطن و تثمين هذا الإحساس.

- تطوير و دعم القيم الروحية الأصيلة.

- اكتساب المهارات و المواقف الضرورية لتلبية متطلبات الدراسات الجامعية ذات مستوى عال. 

 

 

 

 

 

 

 

  


 

1 - الطاهر زرهوني : مرجع سابق ، ص 77.

2 - وزارة التربية الوطنية : مشروع إعادة تنظيم التعليم و التكوين ما بعد الإلزامي ، مرجع سابق ، ص35.

- تلقين و غرس العمل المتقن و البحث عن الدقة و ذوق الإتقان.

- تطوير الحس المدني و احترام الممتلكات العمومية و المحيط.

- تطوير سلوكيات الاحترام نحو كل ما هو مخالف و هذا لغرس الاتجاه نحو قبول التغيير.

- بالإضافة الى هذا مزاولة تكوين مهني متخصص يؤهله الى الاندماج في الحياة العملية و النقد الموضوعي و التعيير عن المواقف و الآراء و استخدام مختلف أشكال التواصل و وسائله بالاستقلالية و كذلك توجيهه الى التكوين الذاتي المستمر و البحث المنهجي و الابتكار و قدرته على حل المشكلات التي تواجهه (1)   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  


 

1 - وزارة التربية الوطنية : اللجنة الوطنية للمناهج ، مديرية التعليم الثانوي ، الوثيقة المرافق لمناهج السنة الثالثة من التعليم الثانوي العام و التكنولوجي ، الجزائر ، ماي 2006 ، ص 7.

2 - أهداف التعليم الثانوي:

لا تخرج أهداف مرحلة التعليم الثانوي عن إطار أهداف منظومة التعليم بل تشكل جزء منها و هي لذلك تأسست من محتوى تعليمي شامل يسهل بلوغ غايات المجتمع من التربية ، فالأهداف لا ترتبط بالجانب ألتحصيلي بل تتعدى الى تعزيز الانتماء الاجتماعي و الثقافي للمتعلم و توثيق صلته بوطنه ، هذا يستلزم أن تكون التربية متميزة بالوحدة و المسؤولية ، فمبدأ وحدة التربية و شموليتها يبحث على اعتبار المدرسة أفضل وسيلة لتدريب الأطفال على الروح الجماعية فالمطلوب من المؤسسة المدرسية أن تكون امتداد طبيعيا للأسرة و أن تقيم معها علاقات التعاون و التفاعل التي ساعد على النهوض بمهمتهما المشتركة و التي تتمثل في إعداد الشباب لتحمل مسؤولياته الاجتماعية في الحياة لأن للتربية و التكوين دور بالغ الأهمية في تطوير الشخصية الوطنية و في إقامة مجتمع منسجم يكون فيه المواطن متصلا بجذوره ، متعلقا بأرض أجداده أخذا بأسباب التقدم(1) 

وبناءا على ذلك فان دور المدرسة الثانوية يصب من وجهة نظر المشروع المدرسي في الأهداف الكبرى للتربية وهي التي تنتهي عند بناء المواطن الجزائري الصالح ، لذلك فان ما خلصت إليه اللجنة الوطنية لإصلاح منظومة التربية و التكوين و التعليم العالي في 1989 يؤكد أن التعليم الثانوي مرحلة حاسمة في اعداد المواطن المتعلم القادر على تحمل المسؤولية الاجتماعية و ذلك من خلال مايلي: (2)

 

 أ – أهداف التربية العامة: وتتمثل في

- اكتساب المعارف و المنهجية.

- اكتساب مختلف اللغات بدءا من التمكن الصحيح من اللغة الوطنية و اكتساب لغة أجنبية على الأقل و القدرة على استعمالها و اكتساب العمليات المنطقة و التغيير الفني.

 

 

 

  


 

1 - إبراهيمي الطاهر : مرجع سابق ، ص 445.

2 - نفس المرجع ، ص 446.

ب – أهداف التكوين العلمي و التقني: و تتمثل فيما يلي (1)

- فهم المحيط الذي يعيش فيه الإنسان و تطبيق المعرفة و التجربة لحل مشاكل هذا المحيط و تنمية الرغبة في التحري العلمي و التصور

- اكتساب مهارات تقنية مهنية و اللجوء الى المنهجية التجريبية في المشاهدة وفي التقاط المعطيات و استخلاص و اقتراح التعميم و التأكد من النتائج.

- تنمية الفهم و الاعتماد على أكثر من الحفظ و ذلك بتركيز الاهتمام بالعلوم بالإضافة الى اكتسابه معنى المسؤولية الاجتماعية و ربطها بالمادة العلمية لغرسها و إثرائها أكثر بالنسبة للمتعلم و زيادة الاهتمام بالمادة العلمية أكثر.

- و لهذا فان قراءة تلك الأهداف تؤكد أنها لم تخرج عن روح النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالمنظومة التعليمية التي صدرت في 1976 لكن اللعنة قدمت اجتهادا تضمن تفصيلا و تصنيفا بلور مجالات فرعية و هذا عمل فني مطلوب لضمان توجيه الفعل التعليمي في مسعى ناجح لتحقيق تلك الأهداف ، كما يمكن ملاحظة أن رؤية أعضاء اللجنة حملت طموحا يتطلب بلوغ ترتيبات و إمكانيات ليتحول الى نجاح عن طريق الانجاز ، وهي الرؤية التي تشكلت من متغيرات مرحلة جديدة يعرفها المجتمع ، إلا أنها لا زالت تصلح الى اليوم كأساس ممكن لعمل إصلاحي متوقع.

و بعدها جاءت إسهامات اللجنة الاستشارية المشكلة في 21/10/1999 لإعداد مخطط إعادة هيكلة التعليم الثانوي و التي صنفت الأهداف التربوية لطور التعليم الثانوي الى ثلاث زمر كبرى هي :

1 – أهداف التكوين الثقافي القاعدي المشترك بين مختلف الشعب و تتضمن الأهداف المعرفية و الأهداف المنهجية و السلوكية و المهارات التقنية.

2 – الأهداف الخاصة بالتعليم الثانوي العام و التكنولوجي و هو تعليم يرمي الى اكتساب التلاميذ المعارف الضرورية لمتابعة الدراسات العليا في المجالات الأدبية و العلمية و التكنولوجية .

 

 

  


 

1 - وزارة التربية الوطنية : مشروع إعادة هيكلة التعليم الثانوي ، مرجع سابق ، ص 8.

3 – الأهداف الخاصة بالتعليم الثانوي ألتأهيلي و تعلم يهدف الى اكتساب المعارف الضرورية للالتحاق بتكوين تكميلي أو مواصلة التكوين في التعليم العالي.

         و بهذا فان الأهداف حملت تصورا جديدا للتعليم الثانوي يتمثل في جعل السنة الأولى قاعدة للتوجيه نحو نمطين من التعليم ، نمط يتحقق به من تأكدت قدراته و حقق نتائج مدرسية ملائمة لمواصلة التعليم نحو تحضير الباكالوريا و منها الى جامعة و نمط يعطي فرصة للأقل في معدل التحصيل من متابعة دراستهم و التأهل للتكوين و المهن مع الإبقاء على إمكانية الالتحاق بالتعليم العالي لتحضير مستوى كتقني سامي.

         ورغم أن الفكرة تجد ما يبررها علميا في جملة من المؤشرات الأساسية و المتمثلة في اللاتجانس في تشكيل الأفواج التربوية من حيث المستوي التحصيلي فيجمع كثرة من ضعاف التلاميذ مع قلة من ذوي المستوى المرتفع ، فحسب علي بن محمد فالمدرسة الجزائرية مريضة و المنظومة التربوية مصابة بداء عضال (1)

بالإضافة الى ضعف التقويم التربوي الذي يؤدي الى انتقال شبه آلي من قسم الى قسم أعلى، و كذلك صعوبة استجابة المضامين البيداغوجية للهدف المزدوج المتمثل في الإعداد للجامعة و الإعداد للحياة العملية.

و اكتظاظ الأفواج بسبب تدفق التلاميذ من التعليم الأساسي و ضعف نسب النجاح في الباكالوريا مما يدفع الى تزايد عدد التلاميذ خصوصا في السنة الثالثة التي يكثر بها المعيدون في الأقسام العادية و الأقسام الخاصة  (2)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  


 

1 - إبراهيمي الطاهر:  مرجع سابق ، ص 446.

2 - علي بن محمد : معركة المصير و الهوية في المنظومة التعليمية 'الصراع بين الأصالة و الانسلاخ في المدرسة الجزائرية' ، دار الأمة ، ط1 ،الجزائر ، 2001 ، ص 48.

و قد قوبلت فكرة إعادة الهيكلة بموجة حامية من الرفض و لم تنل حضها من التجريب و لم تعط فرصة كافية في مجال التنفيذ و بهذا انتهى مشروع الهيكلة في خط الانطلاق الا أن وزارة التربية أخذت تدخل بشكل تدريجي في السنوات الأخيرة نظاما أكثر موضوعية للقبول و التوجيه أمام تعالي التصريحات المنادية بالتصدي لظاهرة ضعف التحصيل المدرسي و تجنب الانتقال الجزافي لتلاميذ من قسم الى قسم أعلى (1)

      أما فيما يخص الهيكلة الحالية للتعليم الثانوي يرى بعض المربين أن وظيفة المدرسة الثانوية الحالية تتجه نحو تحقيق هدفين أولهما يتمثل في إعداد الطالب للحياة عن طريق تزويده بالمعلومات و المهارات الأساسية و التراث الثقافي التي يمكنها من أن تستخدم جميعا كأساس لمواصلة التعليم ، و الثاني في مساعدة الطالب على النمو و التطور الى الدرجة القصوى التي تسمح قدراته و استعداداته ، ويعد الاتجاه المطبق خطا وسيطا بين مقابلة حاجات المجتمع عن طريق أداء الطالب للحياة و مقابلة الحاجات الشخصية لطالب نفسه بحث ينموا نموا متكاملا سواء تحسين مهاراته اللغوية أو قدراته الأدائية كما أن المدرسة الثانوية تقوم بتقديم برامج و دراسات عامة يتم من خلالها تدريب الطلبة على زيادة قدرتهم في الاستفادة من خبراتهم و تشجيعهم على مواصلة الاطلاع مع تحليلهم بالمرونة الكافية التي تهيئهم للعيش في عالم من الممكن أن تصبح فيه المعلومات قديمة قبل أن ينتهي الطالب من دراسته(2) 

 

 

 

 

 

 

 

 

  


 

1 - تركي رابح : وظائف التعليم في المرحلتين الثانوية و الجامعية ، مرجع سابق ، ص36.

2 - حسن عبد الحميد أحمد رشوان : العلم و التعليم و المعلم من منظور علم اجتماع ، مؤسسة شباب الجامعة ، الإسكندرية ، 2006 ، ص 156.

     ولهذا و في ضوء الإصلاحات الجديدة ( 2005 ، 2006 ) تمثلت الأهداف العامة للتعليم الثانوي و التكنولوجي في ما يلي حيث يمكن تصنيف الأهداف العامة الى أربع فئات و هي كالتالي: (1)

*  أهداف التربية العامة : وتشمل

- إيقاظ الشخصية : الفضولية ، الفكر الناقد ، الإبداع ، الاستقلالية الذاتية .

- المظهر الاجتماعي : الحياة و الضغوطات الاجتماعية و هذا بالتعاون و الاتصال .

- اكتساب المعارف أساسية مندمجة و قابلة للتجنيد ( قصد التعلم كيف تتعلم ) مع تجنب الجانب الموسوعي.

*  أهداف منهجية: و تشمل

- الطرائق العامة للعمل : العمل الفردي (الشخصي) و الجماعي و الحرص على تحقيق الأهداف و النتائج الموضوعة.

- طرائق من أجل تشجيع المهارة و الفهم.

- الطرائق الخاصة بالمواد و بشكل خاص للتفكير العلمي.

*  أهداف التحكم في اللغات: و تشمل

- التحكم في اللغة الوطنية.

- المعرفة والتحكم في لغتين أجنبيتين على الأقل.

- العمليات المنطقية الرياضة.

- اللغة الفنية و هذا أثناء شعوره بقيمة المادة العلمية في حياته.

- لغة الإعلامية و هذا لمسايرة ما توصلت إليه العلوم و التقدم التكنولوجي المستمر و السريع في العالم.

 

 

 

 

 

  


 

 1 - وزارة التربية الوطنية : مشروع إعادة تنظيم التعليم و التكوين ما بعد الإلزامي ، مرجع سابق ، ص 36.

*  أهداف التكوين العلمي و التقني: و تتمثل في (1)

- فهم محيط الإنسان و تطبيق جميع المعارف و الخبرة الشخصية بمعالجة مشاكل هذا المحيط.

- تنمية الفضول و ذوق البحث العلمي و الخيال الإبداعي و روح المبادرة.

- الحث على البحث العلمي و التصور الإبداعي و المبادرة.

- فهم  الطرائق العلمية مثل :

- اللجوء الى مقاربات تجريبية قصد القدرة على الملاحظة ، ونقل المعطيات و استخلاص النتائج و صياغة تعميمات و التحقق منها ، و هذا باستعمال لغة بسيطة و وجيزة و تقييم الأحداث ، هذا بالإضافة الى الأهداف المتعلقة بتكوين الطالب المعرفي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  


 

1 -  وزارة التربية الوطنية : مشروع إعادة تنظيم التعليم و التكوين ما بعد الإلزامي ، مرجع سابق ، ص 37.

و قد يمكن تلخيص هذه الأهداف أكثر فيما يلي : (1)

- المساهمة في تطوير و تحسين المستوى المعرفي و الوعي للمواطنين و المساهمة في تخريج حاملي الشهادات ذوي مستويات معرفية و كفاءات ثقافية معادلة لمستويات دولية .

- تحضير التلاميذ الى الحياة في مجتمع ديمقراطي بحيث يعتمدون على أنفسهم مع احترام الآخرين و تطوير البحث عن الامتياز لدى التلاميذ وتشجيع تطوير المعارف و الكفاءات في مجال العلوم و التكنولوجيا و الآداب و الفنون و الاقتصاد.

- البحث عن أنماط التنظيم و التسيير الأكثر نجاعتا.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  


 

1 - وزارة التربية الوطنية : مشروع إعادة تنظيم التعليم و التكوين ما بعد الإلزامي ، مرجع سابق ، ص 34.

رابعا : أهم المخططات و مشاريع إصلاح التعليم الثانوي:

مرت الجزائر في مسيرتها الإصلاحية لنظام التربية و التعليم بعدة مراحل انتقالية حيث اعتمدت مخططات و ذلك سنة 1969 حيث نصت لجنة للإصلاح أوسع نطاق من الأولى و قد خصصت بها كل الدوائر المسؤولة على التربية و التعليم تحت إشراف وزارة التربية الوطنية.

* المخطط الثلاثي (1967 ، 1970) :

و هو المخطط الذي وضع كتجربة أولى دخلت بها الجزائر عصر التخطيط التنموي الشامل و قد نص هذا المخطط على سياسة التوازن الجهوي و هو عبارة عن برامج تنموية لبعض المناطق المحرومة و الأقل تطورا ، كذلك يهدف الى إزالة تلك الفوارق التي هي من مخلفات الاستعمار كما نشأت لأول مرة وزارة التعليم العالي و البحث العلمي(1)

* المخطط الرباعي الأول (1970 ، 1974 )

و عمل هذا المخطط على تدارك وضعية المدرسة الجزائرية و حاول إدماجها في أعماق الحياة الجزائرية و قد حقق خطوات هامة في الميدان التربوي حيث شهد التعليم أثناء المخطط الرباعي الأول تطورا كبيرا رسمت له بناءا على مبدأ تعميم التعليم الابتدائي.

بالإضافة الى ذلك عمل جزأرة المناصب المشغولة من طرف المعلمين و المناهج و توجيه التلاميذ ، و تقسيم على أساس علمية و منطقية تفاديا للترسبات الكثيرة بالإضافة الى توجيه التعليم المتوسط و مرحلة موازية للتعليم الثانوي(2)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  


 

1 - الطاهر زرهوني : مرجع سابق ، ص 47 .

2 - نفس المرجع ، ص 48.

* المخطط الرباعي الثاني (1974 ، 1977 )

جعل المخطط المدرسة الجزائرية جزء لا يتجزأ من واقع المجتمع الجزائري و جعلها أيضا قاعدة التطور و النهضة في البلاد بعد التغيرات الجذرية التي شهدتها المنظومة التربوية ، وفي هذا الصدد قال وزير التربية (1979 ، 1980 ) إن الإصلاح في النظام التربوي و تحسين مضامينه يستوجب مراجعة شاملة لكل جوانب العلمية التربوية و الظروف التي تجري فيها و هذا ما حرص على تحقيقه المخطط الرباعي الثاني و المخطط الخامسي الأول (1980 ، 1984 ) و المخطط الخامسي الثاني (1985 ، 1990 ).

حيث كل المخططات سعت تدريجيا الى تعديل و إصلاح أوضاع التعليم بما يتماشى و التطورات الحاصلة (1)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  


 

1 - تركي رابح : وظائف التعليم في المرحلتين الثانوية و الجامعية ، مرجع سابق ، ص 124.

خلاصة :

يمكن القول بأن النصوص التشريعية التي صدرت بشأن التعليم الثانوي لم تجد طريقها الى النفاد كليا و بالشكل الذي يمنحه القدرة على ضمان مخرجات مكافئة لما تم تسخيره له من إمكانيات و هو ما يشير الى هدر في الجهود و الأموال و كان يمكن أن توظف و تسير بصورة أفضل ، هذا بالرغم من انجازات تحققت لا يمكن اغفالها حتى و ان حققت نجاحا كميا.

وانطلاقا من الرغبة في التحسين عرف التعليم الثانوي محاولات اصلاح متعددة لكنها لم تجد الطريق الى التنفيذ ميسورا مما جعلها حبيسة التصور المجرد ، باستثناء الترقيات و التدابير التي يعود للجهاز التنفيذي صلاحية في تعديلها أو ترقيتها لتأمين سير مؤسسات التعليم الثانوي ، وقد ظلت هذه المرحلة التعليمية في حركة مد وجزر تعكس اختلاف و تردد صانعي للقرار التربوي على انتهاج أسلوب تغيير أكثر عقلانية و منهجية ، يتخذ من الحقائق الوطنية و التطورات العالمية مشروعية الاجتماعية.